السبت، 4 سبتمبر 2010

(من نوادر وحِكَم بزر جمهر حكيم فارس)

(من نوادر وحِكَم بزر جمهر حكيم فارس)




نصحني النصحاء ووعظني الوعاظ، فلم يعظني أحد مثل شيبي، ولا


نصحني أحد مثل فكري.


ولقد استضأت بنور الشمس وضوء القمر، فلم أستضيء بضياء أضوء من نور قلبي.






وملكت الأحرار والعبيد، فلم يملكني أحد وقهرني غير هواي ،وزاحمتني المضائق فلم يزاحمني مثل الخلق السوء، ووقعت من أبعد البعد ومن أطول الطول فلم أقع في شيء أضرّ عليّ من لساني.


ومشيت على الجمر،ووطئت الرمضاء، فلم أرى ناراً أحرّ عليّ من غضبي إذا تمكن مني.






وطالبتني الطلاب فلم يدركني مدرك مثل إساءتي، ونظرت ما الداء القاتل ومن أين يأتيني، فوجدته من معصية ربي سبحانه وتعالى.




والتمست الراحة لنفسي، فلم أجد شيئاَ أرْوَح لها من تركها ما لا يعنيها،
وركبت البحار ورأيت الأهوال، فلم أر هولاً مثل الوقوف على باب السلطان الجائر.

وتوحشت في البرية والجبال، فلم أر أوحش من قرين السوء.

وعالجت السباع والضباع والذئاب وعاشرتها وعاشرتني، فغلبني صاحب الخلق السوء .



وأكلت الطيِّب وشربت المسكرّ فلم أجد شيئاً ألذ من العافية والأمن، وتوسطت الشياطين فلم أجزع إلا من الإنسان الحقود، وأكلت الصبر وشربت المرّ فلم أر شيئاً أمرّ من الفقر.


وشهدت الحروب ولقيت الجيوش وباشرت السيوف وصارعت الأقران، فلم أر قرناً أغلب من المرأة السوء .


وعالجت الحديد ونقلت الصخر فلم أر حملاً أثقل من الدين .



ونظرت فيما يذلُ العزيز ويكسر القوي ويُضيع الشريف ،فلم أر أذلّ من ذوي الفاقة والحاجة



ورُشقت بالنشاب ورُجمت بالحجارة، فلم أرَ أنفذ من الكلام القاسي عندما يخرج من فم مطالب بحق .



وعبرت السجن وشددت في الوثاق وضربت بعمد الحديد، فلم أر شيئاً أخير من العفو عندها.



واصطنعت الإخوان وانتخبت الأقوام للعدة والشدة والنائبة، فلم أر شيئاً أخير من الكرم عندهم .



وطلبت الغنى من وجوهه فلم أر أغنى من القنوع.



وتصدقت بالذخائر. فلم أجد صدقة أنفع من رد ذي ضلالة إلى الهدى



ورأيت الوحدة والغربة والوحشة والمذلة ،فلم أر أصعب من مقاساة الجار السوء.



وشيّدت البنيان لأعزّ به واُذكر، فلم أر أعزّ شرفاً من اصطناع المعروف.



ولبست الثياب الفاخرة فلم ألبس شيئاً مثل التقوى .



وطلبت أحسن الأشياء عند الناس فلم أجد شيئاً أحسن من حُسن الخلق .





وقيل لبز جمهر أي الأشياء خير للمرء ؟

قال : عقل يعيش به .

قيل : فإن لم يكن؟



قال : فإخوان يسترون عليه.



قيل : فإن لم يكن ؟

قال : فمال يتحبب به إلى الناس.


قيل : فإن لم يكن ؟


قال : فأدب يتحلى به.


قيل : فإن لم يكن ؟


قال : موت يريح به العباد والبلاد .

انظر:مجاني الأدب جمع الأب لويس شيخو اليسوعي ج3، ص50-،54ط.الآباء اليسوعيين.بيروت .سنة1896.

هناك 3 تعليقات: